كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



{قد مكر الذين من قبلهم} والتعبير يصور هذا المكر في صورة بناء ذي قواعد وأركان وسقف إشارة إلى دقته وإحكامه ومتانته وضخامتة. ولكن هذا كله لم يقف أمام قوة الله وتدبيره: {فأتى الله بنيانهم من القواعد فَخَرَّ عليهم السقف من فوقهم} وهو مشهد للتدمير الكامل الشامل، يطبق عليهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم، فالقواعد التي تحمل البناء تحطم وتهدم من أساسها، والسقف يخر عليهم من فوقهم فيطبق عليهم ويدفنهم {وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون} فإذا البناء الذي بنوه وأحكموه واعتمدوا على الاحتماء فيه. إذا هو مقبرتهم التي تحتويهم، ومهلكتهم التي تأخذهم من فوقهم ومن أسفل منهم. وهو الذي اتخذوه للحماية ولم يفكروا أن يأتيهم الخطر من جهته!
إنه مشهد كامل للدمار والهلاك، وللسخرية من مكر الماكرين وتدبير المدبرين، الذين يقفون لدعوة الله، ويحسبون مكرهم لا يرد، وتدبيرهم لا يخيب، والله من ورائهم محيط!
وهو مشهد مكرر في الزمان قبل قريش وبعدها. ودعوة الله ماضية في طريقها مهما يمكر الماكرون، ومهما يدبر المدبرون. وبين الحين والحين يتلفت الناس فيذكرون ذلك المشهد المؤثر الذي رسمه القرآن الكريم: {فأتى الله بنيانهم من القواعد فَخَرَّ عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون}.
هذا في الدنيا، وفي واقع الأرض: {ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول اين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم}.
ويرتسم مشهد من مشاهد القيامة يقف فيه هؤلاء المستكبرون الماكرون موقف الخزي؛ وقد انتهى عهد الاستكبار والمكر. وجاءوا إلى صاحب الخلق والأمر، يسألهم سؤال التبكيت والتأنيب: {أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم} أين شركائي الذين كنتم تخاصمون من أجلهم الرسول والمؤمنين، وتجادلون فيهم المقرين الموحدين؟.
ويسكت القوم من خزي، لتنطلق ألسنة الذين أوتوا العلم من الملائكة والرسل والمؤمنين وقد أذن الله لهم أن يكونوا في هذا اليوم متكلمين ظاهرين: {قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين}..
{إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين}.. {الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} فيعود السياق بهم خطوة قبل خطوة القيامة. يعود بهم إلى ساعة الاحتضار، والملائكة تتوفاهم ظالمين لأنفسهم بما حرموها من الإيمان واليقين، وبما اوردوها موارد الهلاك، وبما قادوها في النهاية إلى النار والعذاب.
ويرسم مشهدهم في ساعة الاحتضار، وهم قريبو عهد بالأرض، وما لهم فيها من كذب ومكر وكيد: {فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء} ألقوا السلم. هؤلاء المستكبرون. فإذا هم مستسلمون لا يهمون بنزاع أو خصام، إنما يلقون السلم ويعرضون الاستسلام! ثم يكذبون ولعله طرف من مكرهم في الدنيا فيقولون مستسلمين: {ما كنا نعمل من سوء}! وهو مشهد مخز وموقف مهين لأولئك المستكبرين!
ويجيئهم الجواب: {بلى} من العليم بما كان منهم {إن الله عليم بما كنتم تعملون} فلا سبيل إلى الكذب والمغالطة والتمويه.
ويجيئهم الجزاء جزاء المتكبرين: {فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين}!
وعلى الجانب الأخر: الذين اتقوا.. يقابلون المنكرين المستكبرين في المبدأ والمصير:
{وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيراً للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون}..
إن المتقين يدركون أن الخير هو قوام هذه الدعوة، وقوام ما أنزل ربهم من أمر ونهي وتوجيه وتشريع. فيلخصون الأمر كله في كلمة: {قالوا خيراً} ثم يفصلون هذا الخير حسبما علموا مما أنزل الله: {للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة} حياة حسنة ومتعة حسنة، ومكانة حسنة. {ولدار الآخرة خير} من هذه الدار الدنيا {ولنعم دار المتقين}.. ثم يفصل ما أجمل. عن هذه الدار. فإذا هي {جنات عدن} للإقامة {تجري من تحتها الأنهار} رخاء. {لهم فيها ما يشاءون} فلا حرمان ولا كد، ولا حدود للرزق كما هي الحياة الدنيا.. {كذلك يجزي الله المتقين}.
ثم يعود السياق خطوة بالمتقين كما عاد من قبلهم خطوة بالمستكبرين. فإذا هم في مشهد الاحتضار وهو مشهد هين لين كريم: {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين} طيبة نفوسهم بلقاء الله، معافين من الكرب وعذاب الموت. {يقولون سلام عليكم} طمأنة لقلوبهم وترحيباً بقدومهم {ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} تعجيلاً لهم بالبشرى، وهم على عتاب الآخرة، جزاء وفاقاً على ما كانوا يعملون.
وفي ظل هذا المشهد بشقيه. مشهد الاحتضار ومشهد البعث. يعقب السياق بسؤال عن المشركين من قريش: ماذا ينتظرون؟ أينتظرون الملائكة فتتوفاهم؟ أم ينتظرون أمر الله فيبعثهم. وهذا ما ينتظرهم عند الوفاة، وما ينتظرهم يوم يبعثهم الله! أو ليس في مصير المكذبين قبلهم وقد شهدوه ممثلاً في ذينك المشهدين عبرة وغناء:
{هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون}..
وعجيب أمر الناس. فإنهم يرون ما حل بمن قبلهم ممن يسلكون طريقهم، ثم يظلون سادرين في الطريق غير متصورين أن ما أصاب غيرهم يمكن أن يصيبهم، وغير مدركين أن سنة الله تمضي وفق ناموس مرسوم، وأن المقدمات تعطي دائما نتائجها، وأن الأعمال تلقى دائماً جزاءها، وأن سنة الله لن تحابيهم ولن تتوقف إزاءهم، ولن تحيد عن طريقهم.
{وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} فقد أتاهم الله حرية التدبر والتفكر والاختيار، وعرض عليهم آياته في الآفاق وفي أنفسهم، وحذرهم العاقبة، ووكلهم إلى عملهم وإلى سنته الجارية. فما ظلمهم في مصيرهم المحتوم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
وما قسا عليهم في عقوبة، إنما قست عليهم أعمالهم، لأنهم أصيبوا بها أي بنتائجها الطبيعية وجرائرها: {فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون}.. ولهذا التعبير وأمثاله دلالة فإنهم لا يعاقبون بشيء خارج عن ثمرة أعمالهم الذاتية. وإنهم ليصابون بجرائر سلوكهم التلقائية. وهم ينتكسون إلى أدنى من رتبة البشرية بما يعملون، فيجازون بما هو أدنى من رتبة البشرية في دركات المقام المهين، والعذاب الأليم.
ومقولة جديدة من مقولات المشركين عن علة شركهم وملابساته:
{وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين}..
إنهم يحيلون شركهم وعبادتهم آلهة من دون الله هم وآباؤهم، وأوهام الوثنية التي يزاولونها من تحريمهم لبعض الذبائح وبعض الأطعمة على أنفسهم بغير شريعة من الله.. إنهم يحيلون هذا كله على إرادة الله ومشيئته. فلو شاء الله في زعمهم ألا يفعلوا شيئاً من هذا لمنعهم من فعله.
وهذا وهم وخطأ في فهم معنى المشيئة الإلهية. وتجريد للإنسان من أهم خصائصه التي وهبها له الله لاستخدامها في الحياة.
فالله سبحانه لا يريد لعباده الشرك، ولا يرضى لهم أن يحرموا ما أحله لهم من الطيبات. وإرادته هذه ظاهرة منصوص عليها في شرائعه، على ألسنة الرسل الذين كلفوا التبليغ وحده فقاموا به وأدوه: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} فهذا أمره وهذه إرادته لعباده. والله تعالى لا يأمر الناس بأمر يعلم أنه منعهم خلقة من القدرة عليه، أو دفعهم قسراً إلى مخالفته. وآية عدم رضاه عن مخالفة أمره هذا ما أخذ به المكذبين {فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين}.
إنما شاءت إرادة الخالق الحكيم أن يخلق البشر باستعداد للهدى وللضلال، وأن يدع مشيئتهم حرة في اختيار أي الطريقين؛ ومنحهم بعد ذلك العقل يرجحون به أحد الاتجاهين، بعد ما بث في الكون من آيات الهدى ما يلمس العين والأذن والحس والقلب والعقل حيثما اتجهت آناء الليل وأطراف النهار.. ثم شاءت رحمة الله بعباده بعد هذا كله ألا يدعهم لهذا العقل وحده، فوضع لهذا العقل ميزاناً ثابتاً في شرائعه التي جاءت بها رسله، يثوب إليه العقل كلما غم عليه الأمر، ليتأكد من صواب تقديره أو خطئه عن طريق الميزان الثابت الذي لا تعصف به الأهواء.. ولم يجعل الرسل جبارين يلوون أعناق الناس إلى الإيمان، ولكن مبلغين ليس عليهم إلا البلاغ، يأمرون بعبادة الله وحده واجتناب كل ما عداه من وثنية وهوى وشهوة وسلطان:
{ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}..
ففريق استجاب {فمنهم من هدى الله} وفريق شرد في طريق الضلال {ومنهم من حقت عليه الضلالة}.. وهذا الفريق وذلك كلاهما لم يخرج على مشيئة الله، وكلاهما لم يقسره الله قسراً على هدى أو ضلال، إنما سلك طريقه الذي شاءت إرادة الله أن تجعل إرادته حرة في سلوكه، بعد ما زودته بمعالم الطريق في نفسه وفي الآفاق.
كذلك ينفي القرآن الكريم بهذا النص وهم الإجبار الذي لوح به المشركون، والذي يستند إليه كثير من العصاة والمنحرفين. والعقيدة الإسلامية عقيدة ناصعة واضحة في هذه النقطة. فالله يأمر عباده بالخير وينهاهم عن الشر، ويعاقب المذنبين أحياناً في الدنيا عقوبات ظاهرة يتضح فيها غضبه عليهم. فلا مجال بعد هذا لأن يقال: إن إرادة الله تتدخل لترغمهم على الانحراف ثم يعاقبهم عليه الله! إنما هم متروكون لاختيار طريقهم وهذه هي إرادة الله. وكل ما يصدر عنهم من خير أو شر. من هدى ومن ضلال. يتم وفق مشيئة الله على هذا المعنى الذي فصلناه.
ومن ثم يعقب على هذا بخطاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يقرر سنة الله في الهدى والضلال:
{إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين}.
فليس الهدى أو الضلال بحرص الرسول على هدى القوم أو عدم حرصه، فوظيفته البلاغ. أما الهدى أو الضلال فيمضي وفق سنة الله وهذه السنة لا تتخلف ولا تتغير عواقبها، فمن أضله الله لأنه استحق الضلال وفق سنة الله، فإن الله لا يهديه، لأن لله سننا تعطي نتائجها. وهكذا شاء. والله فعال لما يشاء. {وما لهم من ناصرين} ينصرونهم من دون الله.
ومقولة ثالثة من مقولات المنكرين المستكبرين:
{وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعداً عليه حقاً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}..
ولقد كانت قضية البعث دائماً هي مشكلة العقيدة عند كثير من الأقوام منذ ان أرسل الله رسله للناس، يأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، ويخوفونهم حساب الله يوم البعث والحساب.
وهؤلاء المشركون من قريش أقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت! فهم يقرون بوجود الله ولكنهم ينفون عنه بعث الموتى من القبور. يرون هذا البعث أمراً عسيراً بعد الموت والبلى وتفرق الأشلاء والذرات!.
وغفلوا عن معجزة الحياة الأولى.. وغفلوا عن طبيعة القدرة الإلهية، وأنها لا تقاس إلى تصورات البشر وطاقتهم. وأن إيجاد شيء لا يكلف تلك القدرة شيئا؛ فيكفي أن تتوجه الإرادة إلى كون الشيء ليكون.
وغفلوا كذلك عن حكمة الله في البعث. وهذه الدنيا لا يبلغ أمر فيها تمامه. فالناس يختلفون حول الحق والباطل، والهدى والضلال، والخير والشر. وقد لا يفصل بينهم فيما يختلفون فيه في هذه الأرض لأن إرادة الله شاءت أن يمتد ببعضهم الأجل، وألا يحل بهم عذابه الفاصل في هذه الديار. حتى يتم الجزاء في الآخرة ويبلغ كل أمر تمامه هناك.
والسياق يرد على تلك المقولة الكافرة، ويكشف ما يحيط بها في نفوس القوم من شبهات فيبدأ بالتقرير: {بلى وعداً عليه حقاً} ومتى وعد الله فقد كان ما وعد به لا يتخلف بحال من الأحوال {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} حقيقة وعد الله.
وللأمر حكمته: {ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين} فيما ادعوا أنهم على الهدى؛ وفيما زعموا من كذب الرسل، ومن نفي الاخرة؛ وفيما كانوا فيه من اعتقاد ومن فساد.
والأمر بعد ذلك هين: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}..
والبعث شيء من هذه الأشياء يتم حالما تتوجه إليه الإرادة دون إبطاء.
وهنا يعرض في الجانب المقابل للمنكرين الجاحدين، لمحة عن المؤمنين المصدقين، الذين يحملهم يقينهم في الله والآخرة على هجر الديار والأموال، في الله، وفي سبيل الله:
{والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون.
الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون}..
فهؤلاء الذين هاجروا من ديارهم وأموالهم، وتعروا عما يملكون وعما يحبون، وضحوا بدارهم وقرب عشيرتهم والحبيب من ذكرياتهم.. هؤلاء يرجون في الآخرة عوضا عن كل ما خلفوا وكل ما تركوا. وقد عانوا الظلم وفارقوه. فإذا كانوا قد خسروا الديار ف {لنبوّئنهم في الدنيا حسنة} ولنسكننهم خيرا مما فقدوا {ولأجر الآخرة أكبر} لو كان الناس يعلمون. هؤلاء {الذين صبروا} واحتملوا ما احتملوا {وعلى ربهم يتوكلون} لا يشركون به أحدا في الاعتماد والتوجه والتكلان.
ثم يعود السياق إلى بيان وظيفة الرسل التي أشار عليها عند الرد على مقولة المشركين عن إرادة الله الشرك لهم ولآبائهم. يعود إليها لبيان وظيفة الرسول الأخير صلوات الله وسلامه عليه وما معه من الذكر الأخير. وذلك تمهيدا لإنذار المكذبين به ما يتهددهم من هذا التكذيب:
{وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}..
وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً.. لم نرسل ملائكة، ولم نرسل خلقاً آخر. رجالاً مختارين {نوحي إليهم} كما أوحينا إليك، ونكل إليهم التبليغ كما وكلنا إليك. {فاسألوا أهل الذكر} أهل الكتاب الذين جاءتهم الرسل من قبل، أكانوا رجالا أم كانوا ملائكة أم خلقا آخر. اسألوهم {إن كنتم لا تعلمون}. أرسلناهم بالبينات وبالكتب (والزبر الكتب المتفرقة) {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} سواء منهم السابقون أهل الكتاب الذين اختلفوا في كتابهم، فجاء القرآن ليفصل في هذا الخلاف، وليبين لهم وجه الحق فيه. أو المعاصرون الذين جاءهم القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم يبينه لهم ويشرحه بفعله وقوله: {ولعلهم يتفكرون} في آيات الله وآيات القرآن فإنه يدعو دائماً إلى التفكر والتدبر، وإلى يقظة الفكر والشعور.